الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

أزلية الكون



حسب تعاليم البوذية ليس هناك بداية، فالبداية غير منطقية، واستمرار المادة والطاقة والعقول الفردية يكون بلا ابتداء؛ إذ لو كانت لهم بداية فمن أين تأتي هذه البداية؟ وماذا كان قبل البداية؟
بعض الناس يقولون: "نحن بحاجة إلى بداية، لهذا فالله خَلَق كل شيء." فهم يؤمنون بإلهٍ خالقٍ، له أسماء مختلفة باختلاف الأديان. ولكن السؤال الذي سيطرحه البوذي: من أين أتى الإله؟ هل الإله له بداية؟ فإما أن يجيبوا بأن الإله لا بدايةَ له، وآنئذٍ سيقول المناظر البوذي: هنا لا بداية. أو أنهم سيشيرون إلى شيء ما أو شخصٍ ما خَلَق الإله، وهو ما يناقض إيمانهم.
يقول الملحد: لا إله، وكل شيء جاء من عدم، فالكون نشأ من العدم، وأفكارنا أتت من عدم. وعندئذٍ نسأل: من أين أتى هذا العدم؟ سيقولون: "هذا العدم حولنا دومًا، فهناك دائما عدم، وهو لا بداية له. لذا نرجع ثانية إلى اللابداية، وبغض النظر عن أي إجابة فسنأتي ثانيةً لنقطة عدم الابتداء.
لو كان عدم الابتداء هو النتيجة المنطقية الوحيدة التي يمكننا الوصول إليها فيمكننا أن نتساءل: هل من الممكن لشيء ما يؤدي وظيفةً أن يأتي من العدم؟ وكيف لشيء غير موجود أن ينتج شيئًا؟ هذا يبدو هراء؛ فإن الأشياء يجب أن يكون لها أسباب، هل التفسير الآخر الخاص بوجود خالق يعطي معنًى؟
نحن نحتاج إلى أن نختبر هذا التأكيد بدقة أكثر. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك كائن قدير، أو حتى لو اعتبرنا أن نظرية الانفجار الكبير الفيزيقية المحضة خلقتْ كلَّ شيءٍ، فهل حدث الخَلْق عند نقطة معينة بسبب تأثير الدافعية، أو الهدف، أو الظروف؟ إذا كان الأمر كذلك إذن فما الذي أثَّر على خَلْق كل شيء وُجِدَ قبل خلق كل شيء، وهذا هراء. إذا كان الخالق رحيمًا، وهو الأول بلا بداية، فكيف أوجد هذا الخالق الرحمة؟ فهي موجودة بالفعل.
البديل الثالث الذي ينبغي اعتبارُهُ هو: هل الأشياء تستمر دون بداية؟ هذا هو نهجٌ علمي يتوافق كثيرًا مع فكرة أن المادة لم تُخلَق أو تفنى، لكنها فقط تتحوَّل، وهو الشيء نفسه مع الأفكار الفردية، فليس هناك بداية لها، وكل شيء يتحول بتبعيةٍ، بسبب الأسباب والظروف.

المرجع : أرشيف برزين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق