إن حرية الفكر التي أجازها بوذا لا نجدها في أي مكان أخر من تاريخ الديانات. هذه الحرية ضرورية في نظره، لأن حرية الرأي في الإنسان ترتبط بفهمه الخاص للحقيقة لا بنعمة منحت له تكرما من إله أو من أية قدرة خارجية كمكافأة على سلوك فاضل أو مطيع.
و إن الحالة الإنسانية سامية بحسب البوذية . فـالإنسان سيد نفسه وليس من كائن أعلى منه ، ولا من قوة تقيم فوقه و تتحكم بمصيره.
و النظرية البوذية عن " تجنب الشر " و " عمل الخير " ليست مبنية على العقاب و الجزاء، بل على ضرورة قمع أطماعنا وتطهير أذهاننا. و لاتمارس البوذية الظغط على الناس وتخويفهم لامتثال المبادئ لأن الخوف يخمد مشاعر العطف و الكرم و يخلق جوا ملائما للخرافات و الغطرسة
ذهن التسامح و التفهم هذا كان منذ البداية أحد المثل السامية الأغلى في ثقافة البوذيين و حضارتهم. لذلك لانجد ولا مثالا واحدا على الاضطهاد، ولا نقطة دم واحدة أريقت في هداية الناس إلى البوذية ولا في انتشارها خلال تاريخها الطويل الذي امتد ألفين وخمسمئة عام. لقد انتشرت في جميع القارة الآسيوية وهي تعد الآن خمسمئة مليون من المريدين .
مر بوذا مرة على مدينة صغيرة اسمها كيزابوتا في مملكة كوسالا ، وكان سكانها يعرفون باسم كالاما . وعندما علموا بأن بوذا موجود عندهم قاموا بزيارته و قالوا له :
( أجل أيها الكالاما ، من الحق أن تكونوا في الشك و الحيرة الآن الشك قائم في موضوع هو أهل لشك ، و الآن أصغوا إلي أيها الكالاما ، لا تدعوا أنفسكم مساقين بروابط و علاقات أو بتقليد أو بما سمعتموه يقال ، لا تدعوا أنفسكم مساقين بسلطة النصوص الدينية
ولا بالمنطق البسيط أو الاستدلال و لا المظاهر ، ولا برغبة الاعتماد على آراء ، ولا بمشابهات ممكنة ، ولا بفكرة إنه معلمنا ، ولكن أيها الكالاما عندما تعرفون بأنفسكم أن بعض الأمور ليس مناسبة ، مخطئة و سيئة ، عندئذ تخلوا عنها ، وعندما تعرفون بأنفسكم أن بعض الأمور مناسبة و صالحة ، عندئذ اقبلوها و اتبعوها ،)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق